في معرض حديثهما أمام ممثلي الاتحادات الوطنية الأعضاء خلال أشغال قمة FIFA لكرة القدم التي استضافتها مدينة جدة السعودية يوم الخميس، أكَّد رئيس FIFA جاني إنفانتينو ورئيس لجنة الحُكام بالاتحاد الدولي لكرة القدم، بيرلويجي كولينا، أن العنف ضد الحُكام سرطان قاتل، مشدِّدَين على ضرورة تحلي قادة كرة القدم بالقيم التي تجعلهم قدوة يُحتذى بها، مع الدعوة إلى العمل دون كلل من أجل وضع حد لهذه الظاهرة.

ففي ملاحظاته الختامية أمام المؤتمرين في القمة التي عُقدت عشية نهائي كأس العالم للأندية 2023 ™FIFA، أكد الرئيس إنفانتينو أن الحُكام هم الفريق رقم واحد بالنسبة لـ FIFA، موضحاً في معرض حديثه: "لن يكون لكرة القدم وجود بدون حُكام. علينا جميعاً أن نحارب أي شكل من أشكال الإساءة والعنف ضد الحُكام، بقدر ما ينبغي علينا أن نحيي روح الاحترام والتسامح."

كما ذكَّر قادة كرة القدم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم والمتمثلة في التحلي بالقيم التي تجعلهم قدوة يُحتذى بها، مضيفاً في هذا الصدد: "الأمر يبدأ منَّا نحن، ومنكم أنتم، ومن جميع قادة كرة القدم، سواء من خلال الطريقة التي نتحدث بها، أو الطريقة التي نتصرف بها. علينا أن نكون في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا (لأن) ما نقوم به له تأثير على العديد من الفتيات والفتيان، ليس فقط بشكل إيجابي ولكن بشكل سلبي أيضاً".

وفي هذا الصدد، شهد عالم كرة القدم في الآونة الأخيرة حادثاً مخزياً شكل صدمة مروعة، حيث نُقل حكم FIFA خليل أوموت ميلير إلى المستشفى بعد الاعتداء عليه في الأنفاس الأخيرة من مباراة الدوري التركي الممتاز بين أنقرة غوجو وريزة سبور يوم الاثنين 11 ديسمبر/كانون الأول.

من جهته، قال بيرلويجي كولينا، الذي أدار نهائي كأس العالم FIFA 2002™، إن هذه الآفة لا تقتصرعلى تركيا وحدها، ولا تؤثر فقط في كرة القدم على مستوى النخبة، بل إن المعضلة أعمق من ذلك بكثير، حيث أوضح في معرض حديثه خلال حلقة نقاش حول التحكيم: "لقد تناقلت وسائل الإعلام ذلك (الحادث) على نطاق واسع، (لكن) هناك الكثير من الحوادث التي لا تحظى بما يكفي من اهتمام إعلامي، وأخص بالذكر تلك التي تطال حُكاماً في منافسات الهواة والبراعم، علماً أن معظم هؤلاء الحُكام مازالوا في ريعان الشباب، إذ يواجه معظمهم اعتداءات لفظية أو حتى جسدية، كما يتعرضون لسوء المعاملة لفظياً وجسدياً. واللافت أن من يسيئون معاملتهم هم في أغلب الأحيان آباء الأولاد والبنات الذين يخوضون المباراة، وهذا أمر غير مقبول بتاتاً. لقد طفح الكيل. إننا أمام سرطان قد يقتل كرة القدم. نعم، أنا جاد في ما أقول. ومن هذا المنبر، أناشد قادة كرة القدم في جميع أنحاء العالم لأن يتحركوا قبل فوات الأوان. فقد طفح الكيل بالفعل."

يُذكر أن حلقة النقاش حول التحكيم شهدت أيضاً حضور توري بينسو، التي أدارت نهائي كأس العالم للسيدات 2023 FIFA™، وسيمون مارشينياك، الذي تولى إدارة نهائي كأس العالم 2022 FIFA™.

ودعت بينسو في مداخلتها إلى انضمام مزيد من الناس لركب التحكيم، حيث قالت بنبرة قاطعة: "أُشجِّع الجميع على أخذ صافرة واختبار تجربة التحكيم. قد تتفاجؤون فعلاً. كما أشجِّعكم جميعاً على الاستثمار في الحُكام، والحرص على جعلهم جزءاً لا يتجزأ من مبادراتكم وخططكم الاستراتيجية، لأنكم إذا استثمرتم في الحُكام وخصَّصتم لهم ما يلزم من أدوات وموارد وتدريب وتأهيل، فلا شك أنهم سيبلون البلاء الحسن".

من جهته، ناشد مارشينياك الاتحادات الوطنية الأعضاء لدعم حُكامها، حيث قال في معرض حديثه: "يُعتبر اللاعبون الحلقة الأهم [في المنظومة] بطبيعة الحال، لكن يجب ألا ننسى أنه لا يمكن إقامة مباراة بدون حُكام، وأنه لا وجود لقواعد اللعب النظيف بدون حُكام كذلك. لا شك في ذلك. ولذا فإنني ألتمس من جميع الاتحادات القارية والوطنية أن تدعم الحُكام قدر الإمكان، وأن تشجع الشباب على خوض تجربة التحكيم".

وفي هذا الإطار، أكد كولينا التزام FIFA بتطوير مجال التحكيم على الصعيد العالمي، حيث أشرف الاتحاد الدولي لكرة القدم على تنظيم 388 دورة تدريبية وتعليمية لفائدة الحُكام خلال عام 2023. وختم رئيس لجنة الحُكام بالقول: "إننا بصدد البحث عن جيل جديد من الحُكام في جميع أنحاء العالم، فالهدف هو مساعدة الاتحادات الأعضاء على إعداد توري بينسو الجديدة وسيمون مارشينياك الجديد لحمل المشعل في المستقبل".